للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإجلال أبي فهر للغة والحذر في استعمالها واضح لائح في كل ما كتب وفي كل ما حقق. ويقول تعليقاً على كلام لأبي جعفر الطبري، في تفسير قوله تعالى {فأتوا حرثكم أنى شئتم}: "حجة أبي جعفر في هذا الفصل، من أحسن البيان عن معاني القرآن، وعن معاني ألفاظه وحروفه، وهي دليل على أن معرفة العربية وحذقها والتوغل في شعرها وبيانها وأساليبها، أصل من الأصول، لا يحل لمن يتكلم في القرآن أن يتكلم فيه حتى يُحسُنه ويحذقه". تفسير الطبري ٤/ ٤١٦.

ومعلوم أن من عدة المحقق معرفة غريب اللغة حتى يتمكن من تصحيح ما يصادفه من ذلك التصحيف والتحريف الذي مُنيت به بعض مخطوطاتنا، نتيجة لجهل النساخ، أو عوامل الزمن. ولأبي فهر في ذلك وقفات كثيرة وتصحيحات، منها: جاء في تفسير الطبري ٨/ ٥٢٨، من قول أبي جعفر الطبري، في الآية ٦٥ من سورة النساء: "وإذا قرئ كذلك فلا مَرْزِئَة على قارئه في إعرابه"، ويعلق أبو فهر: "المرزئة - بفتح الميم وسكون الراء وكسر الزاي - مثل الرزء والرزيئة، وهو المصيبة والعناء والضرر والنقص ... وكان في المطبوعة والمخطوطة: "فلا مرد به على قارئه"، وهو شيء لا يفهم ولا يقال".

وجاء في طبقات فحول الشعراء لابن سلام ص ١٠٦، قول كعب بن زهير:

ألا أبلغا هذا المعرَّض آيةً ... أيقظان قال القول إذ قال أو حَلَمْ

ويشير أبو فهر في الحاشية إلى أن الرواية في ديوان كعب، والاستيعاب لابن عبد البر "أنه" مكان "آية" ثم يقول: وهي ضعيفة جداً، والصواب ما في مخطوطة ابن سلاَّم، وقد جاء أبو جعفر الطبري بهذا البيت شاهداً على أن الآية: القصة، وأن كعباً عنى بقوله: "آية" رسالة مني وخبراً عني. قال أبو فهر: والآية بمعنى الرسالة لم تذكره كتب اللغة، ولكن شواهده لا تعد كثرة، ومن ذلك قول حجل بن نضلة:

أبلغ معاوية الممزَّق آية ... عني فلست كبعض ما يُتقوَّل

وقول أبي العيال الهذلي:

أبلغ معاوية بن صخر آية ... يَهْوِي إليك بها البريدُ الأعجلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>