للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسن الأصفهاني (٣٦٠ هـ)، وشرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف، لأبي أحمد العسكري (٣٨٢)، وتصحيح التصحيف وتحرير التحريف، لصلاح الدين الصفدي (٧٦٤ هـ)، ألم أقل لك إن الرجل ماضٍ في طريق الأوائل؟

والذين لا يقرأون محمود محمد شاكر قراءة جيدة، ولا يفهمون فكره حق الفهم، يقولون: إنه غارق في التراث إلى أذنيه، لا يكاد يدير وجهه عنه، وأنه شديد العصبية لآثاره ولرجاله، لا يقبل فيه ولا فيهم نقداً أو معابة، وهذا صحيح من وجه، لكنه باطل من وجه، فوجه صحته أنه شديد التمسك بذلك الإِرث العظيم؟ لأنه قراه وعرف مواضع العزة فيه، ثم إنه رأى أن الذين يعيبونه ويتنقَّصونه لا يصدرون عن علم ولا هدى، وإنما هو الهوى الجامح والمتابعة العمياء، والنظر لثقافات الأمم الأخرى بعين الذليل.

ووجه بطلانه انه لا يسلِّم بالتراث كله، ولا يذعن لرجاله كلهم، فهو يعرف وينكر، وينفي ويثبت، وآية ذلك ما تراه من نقده لبعض كتب الأوائل، ثم من نقده لبعض رجال ذلك التراث، على جلالة قدرهم وعظم شأنهم، وهذه بعض أمثلة:

١ - وازن أبو فهر بين شرحين لأبي جعفر الطبري والجاحظ، لبيت من شعر الكميت، ولم يرض تفسير الجاحظ له، وقدم عليه تفسير الطبري، ثم نقد الجاحظ نقداً مراً، فقال: "من شاء أن يعرف فضل ما بين عقلين من عقول أهل الذكاء والفطنة، فلينظر إلى ما بين قول أبي جعفر في حسن تأتّيه، وبين قول الجاحظ في استطالته بذكائه ... والجاحظ تأخذ قلمه أحياناً مثل الحِكَّة، لا تهدأ من ثورانها عليه حتى يشتفي منها ببعض القول، وببعض الاستطالة، وبفرط العقل، ومع ذلك فإن النقاد يتبعون الجاحظ، ثقة بفضله وعقله، فربما هجروا من القول ما هو أولى، فتنة بما يقول"، تفسير الطبري ٢/ ٤٨٦، ٤٨٧.

٢ - أبو الحسن المرزوقي شيخ من شيوخ العربية، وهو شارح حماسة أبي تمام، وصاحب كتاب الأزمنة والأمكنة، وصاحب الأمالي، وقد خطَّأه أبو فهر في مواضع من شرحه لأبيات قصيدة تأبّط شراً "إن بالشِّعب الذي دون سَلع"، ومن تلك

<<  <  ج: ص:  >  >>