للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واشتغل بمحبوبه عمن سواه، ومحبوبه هو القرآن ولغة القرآن، ومنهج الله الذي يبدو له من خلال آيات هذا الكتاب المبين، وهو إن ذكر شيئاً من مقالة الشيوعيين أو الإِلحاديين فإنما كان يعالجها من خلال تأمله للقرآن ليس غير، ويحسب للشيخ هنا من ذكائه ووعيه الاجتماعي أنه لم يتعرض لسخط أهل الصحافة وأهل الإِعلام، فهو يعلم أن هؤلاء وهؤلاء لهم سلطان وغلبة، ولم يكن يغيب عن الشيخ قول جرير:

إذا غضبت عليك بنو تميم ... حسبت الناس كلهم غضابا

ثم هو لم تغب عنه أيضاً معركة الشيخ محمد الغزالي في الخمسينات مع الأستاذ إحسان عبد القدوس والفنان صلاح جاهين وكاريكاتيره الشهير "أبو زيد الغزالي سلامة"، ثم معركة الشيخ محمد أبو زهرة مع الأستاذ أحمد بهاء الدين في الخمسينات أيضاً، كذلك لم يغب عنه تعرض الشيخ عبد الحميد كشك لغضب الصحفيين وأهل الفن.

والشيخ كشك كان أيضاً من أصحاب البيان واللسن، وجهارة الصوت وقوة التأثير، وكان وراءه جمهور ضخم، ولقيت تسجيلاته انتشاراً وذيوعاً داخل مصر وخارجها، بل وصلت إلى أوروبا والأمريكيتين. لكن انشغال الشيخ كشك بتتبع الأدباء والكتاب وأهل الفن، والتلفزيون والكرة، شتت جهوده، وحصر تأثيره في دائرة محدودة من الناس، وهذه أزمة بعض أصحاب الخطاب الديني، أنهم يوردون أنفسهم موارد التهلكة، حين ينظرون إلى المجتمع على أنه شر كله، وفي هذا الطريق يستغضبون طوائف مهمة في المجتمع، بدواعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهملين طبائع الأزمان، غافلين عن تقلبات الأحوال وتداخل الأمور، وتشابك القوى وقد قيل بحق: العاقل من عرف زمانه، وقد ألمح إلى هذا الدكتور أحمد كمال أبو المجد، في كلمة له بالمصور - العدد المذكور - قال: "ومن السمات الواضحة في منهج الشيخ الشعراوي انه التزم موقفاً إيجابيّاً وبنائيّا في تعامله مع الواقع، مؤثراً الاشتغال ببناء المنهج السوي، والتبشير به والدعوة إليه، عن الاشتغال بنقد المناهج

<<  <  ج: ص:  >  >>