للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحديث عن موقف الشيخ الشعراوي من الشيوعية - وهو موقف مفتعل كما قلت - يقودنا إلى ما يراه بعضهم من أن الشيخ يمثل ظاهرة سياسية، بجانب كونه ظاهرة دينية، ومن ذلك ما كتبه الدكتور محمد أبو الإِسعاد في المصور ٢٦/ ٦، وأول ما يلقانا من كلام الدكتور قوله عان الشيخ الشعراوي، إنه تأثر بالمذهب الوهابي، بدرجة واضحة، ويرد الدكتور ذلك إلى عمل الشيخ بالسعودية، ومشاركته في إنشاء رابطة العالم الإِسلامي هناك.

وهذا القول غير صحيح، فإن مذهب الشيخ مباين تماماً للمذهب الوهابي، أو مذهب "الشيخ محمد بن عبد الوهاب" كما يحب السعوديون أن يسمَّى، فالشيخ الشعراوي صوفي الوجه واليد واللسان، وأنت لا تخطئ صوفيته هذه في كل ما يقول، ولا يخفى الفرق بين الصوفية ومذهب القوم هناك "يا بعد يبرين من باب الفراديس". والسعوديون يعلمون جيداً صوفية الشيخ الشعراوي، ولم يمنعهم ذلك من أن ينزلوه منزلاً كريماً بينهم، وأن يوسعوا له في مجالسهم، بل أن وزيرهم النابه "محمد عبده يماني" هو الذي قدم الشيخ إلى الأستاذ أحمد فراج، فكانت الشهرة العريضة.

ويرى الدكتور أبو الإِسعاد أن الشيخ قد دخل طرفاً في الصراع بين التيار القومي الاشتراكي وبين التيار الإِسلامي السلفي، وهو ذلك الصراع الذي ساد منطقتنا العربية في الستينات، ويدلل على ذلك بانضمامه إلى رابطة العالم الإِسلامي بمكة المكرمة - وليس في جدة - عام ١٩٦٢ م، وهذا الكلام هو من إسراف المؤرخين والمثقفين في التحليل والاستنتاج، فالحقيقة أن الشيخ لم يدخل طرفاً في أي صراع، وانضمامه إلى رابطة العالم الإِسلامي لم يكن لمواقف سياسية مأثورة عنه، وإنما كان لأنه كان شخصية بارزة في المجتمع المكي، بمحاضراته القيمة وتدريسه المتميز في كلية الشريعة بمكة المكرمة، والسعوديون يحرصون دائماً على اجتذاب النماذج المتميزة في مؤسساتهم العلمية والتعليمية، ولو كانوا يخالفونهم أحياناً (ولا ينبئك مثل خبير).

<<  <  ج: ص:  >  >>