ولو كان الأمر كما يرى الدكتور لاستغل السعوديون الشيخ في صراعهم المر مع الرئيس جمال عبد الناصر إبان حرب اليمن وغيرها. ولم يؤثر عن الشيخ شيء في ذلك.
وأما ما ذكره الدكتور من أن الشيخ الشعراوي قد صلَّى ركعتين شكراً لله على نكسة ١٩٦٧ م، فهذه زلة عظيمة من الشيخ غفر الله له، ولا يعتذر له عنها، مهما كانت الأسباب والمسوغات، وما أظن أن الشيخ قال هذه القولة الذميمة استجابة لموقف سياسي معين، وإنما قالها صدى لبعض أصوات العامة التي سمعناها تقول غداة هزيمة "٦٧": "الحمد لله العساكر كانوا حيركبونا"، وقد سمعتها أنا بأذني من الأحياء الشعبية التي كنت أعيش فيها تلك الأيام، ومعلوم أن الشيخ كان كثير المخالطة للعامة.
وكذلك ليس صحيحاً أن الشيخ وظف شعبيته الدينية لدعم نظام الرئيس السادات، فالسادات كان قد كسب شعبية كبيرة بعد انتصار حرب ١٩٧٣ م لأنه مسح العار عن جبين مصر والأمة العربية، وذلك قبل أن يلتقي بالشيخ الشعراوي وزيراً عام ١٩٧٦ م، ولم يؤخذ على الشيخ إلا قوله في حق الرئيس السادات: لا يُسأل عما يفعل. وهذه قد غضب منها المتدينون، لأنها قيلت في حق المولى عزَّ وجلّ، والحق أنها كانت غلطة من الشيخ، لا يعتذر عنها إلا بأنها زلة أديب، لا عالم، كما استهجن الناس من قبل قول ابن هانئ الأندلسي (٣٦٢ هـ) في الخليفة المعز لدين الله الفاطمي:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار ... فاحكم فأنت الواحد القهار
ومع ذلك فلم تطل إقامة الشيخ الشعراوي بالوزارة، ويقولون إن خلافات نشبت بينه وبين الرئيس السادات، بسبب قضية الأوقاف، وبخاصة ما يتصل منها بسور نادي الزمالك، ويروون في ذلك نكتة لاذعة بينه وبين السادات "وكلاهما كان صاحب دعابة"، وأعرف ما يقول الخبثاء الآن!