حرموا الذي أملوا وأدرك منهم ... آماله من عاذ بالحرمان
ومن فقه الجارم باللغة أيضاً استعماله كلمة "سائر" بمعنى "باق"، يقول في قصيدة في رثاء الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي:
تمر به مراً فيسبيك بعضه ... وتقرؤه أخرى فيسبيك سائره
واستعمال "سائر" بمعنى "باق" هو الفصيح الأكثر، مأخوذ من السؤر، وهو ما يبقى في الإناء، ويرى بعض اللغويين أنه هو الصواب، ولا صواب غيره، يقول مجد الدين بن الأثير:"السائر: الباقي، والناس يستعملونه في معنى الجميع، وليس بصحيح". ومثل ذلك قال ابن الجوزي والحريري، لكن المرتضى الزبيدي حكى عن بعض أئمة اللغة والتصريف أنه يجوز استعمال "سائر" بمعنى الجميع.
ويستشهد أصحاب الرأي الأول بشواهد كثيرة من النثر والشعر، ومن أحلى شواهد قول عمرو بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط الأموي، وبعرف بأبي قطيفة:
وهكذا تضلع الجارم من لغته وفقهها، وعرف لها حقها فيما كتب وفيما نظم، فأحلته هذه المنزلة الرفيعة بين شعراء زمانه، واقتعدت له مكاناً عالياً في ركب الشعراء العظام، وعلى مال قال هو يصف شعره، في مقدمة الجزء الثاني من ديوانه.
"شعر نصر الفصحى فنصرته، وصان لها ديباجتها فصانته".
وكما صان الجارم العربية فصانت له شعره، فسيصونه الزمان أيضاً، فيبقيه طرياً غضاً على الألسنة، مصوناً في تلافيف القلوب، على ما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
مصون الشعر تحفظه فيكفي ... وحشو الشعر يورثك الملالا