للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الفرق بين "ساعة" ذلك الدكتور و"ساعة" هذا الشاعر فرق كبير، فساعة الدكتور ساعة زمانية، ستون دقيقة ليس غير، أما ساعة الشاعر فيراد بها مطلق الوقت، الذي قد يتجاوز مدى الساعة الزمانية.

ومن أعجب ما رأيته من علامات الاستخفاف أن زميلاً كان يناقش بجواري فقال للطالب: والله يا بني أنت حظك حلو، أنا قرأت رسالتك في القطار! قطار يا دكتور؟ كيف يحدث هذا؟ ألا تحتاج إلى مرجع تعوّل عليه أو تصحح منه؟ ولهذا يدخل الطالب لجنة المناقشة محتشدًا جامعًا، حتى إذا رأى ذلك كله سكن رُوعه، وهدأت نفسه، ثم تلا قوله تعالى: {فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ (١٤)} [سبأ: ١٤].

والسَّوأة السَّوآء، بعد ذلك هي هذه العامية القبيحة التي يستكثر منها بعض المناقشين، ويدير عليها حواره كله، فتسمع مثلاً أمثال هذه العبارات: واخد بالك من الحتة دي-خد بالك من الرأي دوّتْ-كده هوّت- إحنا بنتكلم عشان خاطر نعلمك يا بني- نبض نلاءي (أي ننظر نلاقي).

هذا شيء محزن حقًا، لا ينبغي السكوت عليه أو المصانعة فيه، ونحن نلم أحيانًا بالعامية في أسلوب الربط، ولكنها العامية المقبولة، التي تأتي في حدود الضيقة، إنه يكاد يسري في أثناء المناقشة كلها، إنك لو أغمضت عينيك، وسمعت بعض المناقشين لظننت أنك في موقف أحمد حلمي أو القُللي، والمنادي ينادي: واحد دكرنس، واحد المنصورة، وقد سرت هذه العدوى إلى شباب المعيدين، طلبت يومًا من أحدهم شيئًا، فقال: حاضر يا عسل! فقلت: ما هذا يا بني؟ لا ينبغي أن تستعمل مثل هذه الألفاظ، فقال: لقد سمعتها من فلان وفلان وفلان، وذكر أسماء كبيرة، فلكا سمعت هذا قلت له: خلاص يا حلاوة-براءة- أنت كده في السليم، فنظر إلي نظرة انتصار، فهممت أن أقول له: "متبصليش بعين رديَّة شوف إيه اللي عملته في شرح الألفية" (بالمناسبة أنا مدرس نحو، أدرس لطلبتي شرح ابن عقيل

<<  <  ج: ص:  >  >>