للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من العلماء وطلاب المعرفة. فأي بركان هذا الذي فجَّره كتاب الله المنزل علي النبيّ الأميّ، ففتح به آذاناً صُمّاً وقلوباً غلفاً؟ وأي ضياء وهاج ذلك الذي جاء به الدين الجديد، فأزاح ظلمات القرون والأحقاب؟

انسالت أفواج المغاربة على المشرق، يشافهون العلماء ويروون العلم ويستنسخون الكتب، وقد استفاضت كتب التراجم والرجال بأخبار هذه الرحلات، وقد بدأت رحلات المغاربة والأندلسيين إلى المشرق منذ أواخر القرن الثاني الهجري، مواكبة لحركة الجمع والتدوين، مصاحبة لنشأتها.

ذكر أبو بكر الزبيدي الأندلسي، في ترجمة الغازي بن قيس، المتوفَّى سنة ١٩٩ هـ، قال: «كان ملتزمًا للتأديب بقرطبة أيام دخول الإمام عبد الرحمن بن معاوية رضي الله عنه الأندلس، وأدرك نافع بن أبي نعيم - أحد القراء السبعة - وقرأ عليه، وهو أول من أدخل قراءته» (١).

وفي ترجمة جودي النحوي المتوفى سنة ١٩٨ هـ، قال: «هو جودي بن عثمان، من أهل مورور - قريباً من قرطبة - ورحل إلى المشرق، فلقي الكسائي والفراء وغيرهما، وهو أول من أدخل كتاب الكسائي، وله تأليف في النحو» (٢).

وهذا قاسم بن أصبغ محدث الأندلس الكبير، يرحل إلى المشرق مع محمد بن عبد الملك بن أيمن، ومحمد بن زكريا بن أبي عبد الأعلى، فيسمع بمكة ومصر من علمائهما، ويدخل العراق فيسمع من المبرد وثعلب، ويروي عن ابن قتيبة كثيراً من كتبه» (٣).

وقد رأيت بخزانة القرويين بفاس نسخة عتيقة جداً من كتاب ابن قتيبة المسمَّى:


(١) طبقات النحويين واللغويين, صفحة ٢٥٤, بتحقيق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم.
(٢) المرجع السابق, صفحة ٢٥٦.
(٣) تاريخ علماء الأندلس, لابن الفرضي, صفحة ٣٦٥, طبعة الدار المصرية للتأليف والترجمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>