للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القراءات من فهارس المكتبات. وبحسبنا أيضاً أن نعرف أن أشهر نظم في هذا الفن، وهو المسمَّى: حرز الأماني ووجه التهاني، والمعروف بالشاطبية، صاحبه مغربي أندلسي، وهو: القاسم ابن فِيرُّه بن خلف الرعيني الأندلسي الشاطبي، وقد صار نظمه هذا العمدة في ذلك الفن، وتعاقب عليه الشراح من المشرق والمغرب، ولا يزال يتصدر برامج الدراسة في معهد القراءات بالأزهر الشريف.

ولم تفتر عناية المغاربة بعلم القراءات على امتداد الأيام وتصرف الأحوال، وقد تعرفت أثناء رحلتي الأولى إلى المغرب، على شاب من ريف المغرب، في منزل الأستاذ العلامة محمد المنوني بمدينة الرباط، وكان هذا الشاب آية في معرفة القراءات العشر بطرقها ورواياتها المختلفة، يحفظها ويستشهد لها من الكتاب العزيز في سهولة ويسر. وقد أخبرني الأستاذ المنوني أن لهذا الشاب نظائر كثيرة في بلاد المغرب، وبخاصة في الريف.

وأما علم النحو فللمغاربة احتفال به زائد، وقد ظهر اهتمامهم له مبكراً. هذا أبو عبد الله حمدون بن إسماعيل، من قدماء المغاربة القرويين، كان يحفظ كتاب سيبويه، وقد توفي حمدون هذا بعد المائتين (١). وقد وقف المغاربة على قدم واحدة مع المشارقة في العناية بكتاب سيبويه إمام النحاة: شرحاً أو تعليقاً أو اختصاراً (٢).

ذكر جلال الدين السيوطي في آخر كتابه: «بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة» وهو يسرد موارده في تأليف الكتاب، قال: «وأما المغرب فأهله أصحاب اعتناء شديد بذلك، والنحاة به جم غفير» (٣).

ويورد جمال الدين القفطي كلاماً جيداً يشهد لذلك، يقول في ترجمة أبي محمد عبد الله بن علي بن إسحاق الصَّيْمري النحوي: «قدم مصر، وحفظ عنه شيء


(١) طبقات النحويين واللغويين, صفحة ٢٣٥.
(٢) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون, للحاج خليفة, صفحة ١٤٢٧, طبعة استانبول.
(٣) بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة, الجزء الثاني, صفحة ٤٢٨, تحقيق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>