للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ... (٥٥)} [الزّخرف].

أمّا المؤمن فموته راحة على كُلِّ حَالٍ وَوَجْه إذا مات على الإيمان، عَنْ ... أَبِي قَتَادَةَ - رضي الله عنه -، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: ... "مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ. قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ الله، وَالعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العِبَادُ وَالبِلادُ، وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ" (١).

وهذا الحديث رواه الشَّيخان وغيرهما، والطَّريف أنَّ البيهقي رواه في كتاب الجنائز، وبوَّب عليه (باب في موت الفجاءة) ولعلَّه يستشهد به على أنَّ الموت رَاحَة للمؤمن بغتة كان أو غيره.

وروى ابن أبي شيبة عَنْ عَبْدِ الله بن مسعود - رضي الله عنه -، وَعَائِشَةَ - رضي الله عنها -، بإسناد صحيح، قَالَا: "مَوْتُ الْفُجَاءَةِ رَأْفَةٌ بِالمُؤْمِنِ، وَأَسَفٌ عَلَى الْفَاجِرِ" (٢).

ومّما يستدلُّ به على عدم كراهة موت الفجأة ما رواه البخاريّ عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ تَصَدَّقْ عَنْهَا" (٣)، فلم يظهر منه - صلى الله عليه وسلم - كراهة لمّا أخبره الرَّجل أنَّ أمَّه ماتت فجأة.


(١) البخاريّ "صحيح البخاري" (ج ٨/ص ١٠٧/رقم ٦٥١٢) كِتَابُ الرِّقَاقِ.
(٢) ابن أبي شيبة "مصنّف ابن أبي شيبة" (ج ٣/ص ٤٨/رقم ١٢٠٠٧) وإسناده صحيح موقوفًا، كذا قال شعيب الأرنؤوط في تحقيقه "سنن أبي داود" (ج ٥/ص ٢٦).
(٣) البخاريّ "صحيح البخاري" (ج ٤/ص ٨/رقم ٢٧٦٠) كِتَابُ الوَصَايَا.

<<  <   >  >>