للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ" (١)، فاللَّعن محمول على مَنْ تكثر الزِّيارة كما هو واضح من صيغة المبالغة زَوَّارَاتِ.

أما الحائض والجنب فلا يختلف حكمهما عن غيرهما، فلا فرق بين أن تكون المرأة على طهر أو على غير طهر في شأن زيارة القبور عند من يقول بجواز الزّيارة لأنَّه لم يرد دليل للتَّفرقة.

والَّذي نعلمه أنَّ مَنْ بها عذر لا تدخل المسجد للمكث فيه، أمَّا العبور فلا حرج فيه، لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ... (٤٣)} [النّساء]، هذا ولا تمنع من دخول شيء إلَّا بدليل.

[حكم تخصيص يوم الجمعة أو يوم العيد لزيارة القبور]

زيارة القبور لَا تَخْتَصُّ بِوَقْتٍ، قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا" (٢)، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَزُورُوهَا" ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ، فالنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أطلق الزِّيارة وَلَمْ يُقَيِّدْها بِوَقْتٍ ولا زمان، وَحُكم المُطلق أَن يجْرِي على إِطْلَاقه وَعُمُومِهِ حَتَّى يظهر نَصٌّ يقيِّده، ولذلك فإنَّ تخصيص يوم الخميس أو الجمعة أو العيدين بزيارة القبور واعتقاد فضلها على سائر الأيّام، يكون مِنْ تَقْيِيدِ المُطْلَقِ وَتَخْصِيصِ الْعَامِّ بِغَيْرِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ.


(١) أحمد "المسند" (ج ١٤/ص ١٦٤/رقم ٨٤٤٩) إسناده حسن.
(٢) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٢/ص ٦٧٢) كِتَابُ الْجَنَائِزِ.

<<  <   >  >>