للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعند استوائها، وعندما تميل للغروب، قال عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيّ - رضي الله عنه -: "ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ" (١).

[جواز الدفن ليلا]

يجوز الدَّفن ليلًا إذا دعت إليه الحال، على أن لا يفوت بالدَّفن ليلًا شيء من حقوق الميِّت، مثل: تحسين الكفن والصَّلاة عليه. ولعلَّ الدَّفن بالنَّهار أفضل لما يلتمس فيه من كثرة المصلِّين، وحُضُور مَنْ يُرْجَى دُعَاؤُهُ، عَنْ جَابِر - رضي الله عنه -: "أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلًا، فَزَجَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ" (٢).

والخلاصة لا مانع أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ ليلًا إذا لم يحصل تقصير في حقِّ الميِّت، وقد دُفِنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلًا عنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -، قَالَتْ: "مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى سَمِعْنَا صَوْتَ المَسَاحِي (٣) مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ" (٤).

وممّن دُفِنَ لَيْلًا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رضي الله عنه -، فَفِي الْبُخَارِيِّ مِن حَدِيث


(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ١/ص ٥٦٨) كِتَابُ صَلَاةِ المُسَافِرِينَ.
(٢) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٢/ص ٦٥١) كِتَابُ الْجَنَائِزِ.
(٣) المَسَاحِي: جمعُ مِسْحاةٍ وَهِيَ المِجْرَفَة مِنَ الْحَدِيدِ.
(٤) أحمد "المسند" (ج ٤٠/ص ٣٩١/رقم ٢٤٣٣٣) حديث محتمل للتّحسين.

<<  <   >  >>