للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سكرات الموت، ولذلك فهو بعد الموت من باب أولى؛ فمن مات قَامَتْ عَلَيْهِ قِيَامَتُهُ.

وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (٥٠)} [الأنفال]، وَهَذَا العذاب قَبْلَ الدَّفْنِ، وهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْعَذَابِ الْوَاقِعِ قَبْلَ يوم القيامة.

والْعَذَابُ يضاف إِلَى الْقَبْرِ من باب التَّغليب لأنَّ جلَّه يَقَعُ فِيهِ، ولأنَّ الْغَالِبَ عَلَى المَوْتَى أَنْ يُقْبَرُوا وَإِلَّا فمن استحقَّ العذابَ عُذِّب دُفِنَ أو لم يُدْفَنْ، ولكن ذلك مَحْجُوبٌ عَنِ الْخَلْقِ إِلَّا مَنْ شَاءَ الله تعالى أن يطلعه.

التّنّين الّذي يسلّط على الكافر في قبره

أعدَّ الله تعالى للكافر في قبره حيَّات تلسعه وتخدشه إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "أَتَدْرُونَ فِيمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤)} [طه]، أَتَدْرُونَ مَا المَعِيشَةُ الضَّنْكَةُ؟ قَالُوا: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: عَذَابُ الكَافِرِ فِي قَبْرِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ يُسَلَّطَ عَلَيْهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ تِنِّينًا أَتَدْرُونَ مَا التِّنِّينُ؟ سَبْعُونَ حَيَّةً، لِكُلِّ حَيَّةٍ سَبْعُ رُؤوسٍ يِلْسَعُونَهُ، وَيَخْدِشُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" (١).


(١) ابن حبّان "صحيح ابن حبّان" (ج ٧/ص ٣٩٢/رقم ٣١٢٢) إسناده حسن. وحسّنه الألبانيّ في "التّعليقات الحسان" (ج ٥/ص ١٠٢). ورواه أبو يعلى في "مسند أبي يعلى" (ج ١١/ص ٥٢١)، وقال الهيثمي في "مجمع الزّوائد" (ج ٣/ص ٥٥/رقم ٤٢٨٦): رَوَاهُ ... أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ دَرَّاجٌ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ. وحسّنه شعيب الأرنؤوط في تحقيق "المسند" (ج ١٧/ص ٤٣٥/رقم ١١٣٣٤) من حديث أبي هريرة عند أبي يعلى، وابن حبّان.

<<  <   >  >>