للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ، قَالَ: "أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ، يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ" (١).

أراد النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يمنع كلَّ أحد أن يفتح أبواب الجنَّة لمن يشاء، ونحن نسمع من يقطع بالجنَّة لفلان من النَّاس ويزعم أنّه مع المبشرين بالجنَّة - رضي الله عنهم -!

كذلك لا نقطع بالشّهادة لأحد، قالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الله أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ، والله أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ" (٢). ولكن نقول كَمَا قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ الله فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ الله فَهُوَ شَهِيدٌ ... " (٣) ولا نقطع بالشّهادة إلّا لمن قطع له النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بها كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ" (٤).

[كيف تصل والدك في قبره؟]

عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ المَدِينَةَ، فَأَتَانِي عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ - رضي الله عنهما -، فقَالَ: أَتَدْرِي لِمَ أَتَيْتُكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، يَقُولُ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصِلَ أَبَاهُ فِي قَبْرِهِ، فَلْيَصِلْ إِخْوَانَ أَبِيهِ بَعْدَهُ" (٥)، وَإِنَّهُ كَانَ بَيْنَ أَبِي (عُمَرَ) وَبَيْنَ أَبِيكَ إِخَاءٌ وَوُدٌّ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَصِلَ ذَاكَ.

فيستحبُّ للإنسان أَنْ يَصِلَ ويكرم أصدقاء أَبِيهِ وأمّه ونحوهما رَجَاءَ برّ


(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٤/ص ٢٠٥٠) كتاب الْقَدَرِ.
(٢) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٤/ص ٣٧) كِتَابُ الجِهَادِ، بَابُ لا يَقُولُ فُلانٌ شَهِيدٌ.
(٣) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٣/ص ١٥١٧) كِتَابُ الْإِمَارَةِ.
(٤) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٥/ص ٩/رقم ٣٦٧٥) كِتَابُ أصحاب النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
(٥) ابن حبّان "صحيح ابن حبّان" (ج ٢/ص ١٧٥/رقم ٤٣٢) إسناده صحيح.

<<  <   >  >>