للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحذر أهل المعاصي ومَنْ يلحق بهم مِن أصحاب خوارم المُرُوءَةِ، فالفرع يحمل على الأصل، فَنَفْسَكَ احْفَظْهَا وشرِّد بها عنْهم، لعلّك تَنْجو سالِمًا مِنْ مندمٍ، وتفوز بنعيم مقيم وَتَغْنَم!

قلة لبث الإنسان في هذه الدّار

دَخَلَ عُمَرُ - رضي الله عنه - على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَقَالَ: ... يَا نَبِيَّ الله، لَوِ اتَّخَذْتَ فِرَاشًا أَوْثَرَ مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ: "مَا لِي وَلِلدُّنْيَا؟ مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا، إِلا كَرَاكِبٍ سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا" (١). ولذلك يقول عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ - رضي الله عنهما -: أَخَذَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْكِبِي، فَقَالَ: "كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ" (٢).

و(أو) للإضراب بمعنى (بل)، مثل قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ... (٧٧)} [النّحل]. وَمعنى أو الإضرابيّة الإضراب عَن الأول وَالْإِثْبَات للثَّانِي، فهو لا يريدك أن تكون في الدّنيا غريبًا مستوحشًا فيها، بل أكثر من ذلك، يريدك أن تكون فيها عابِرَ سبيل، وعابرُ السَّبيل مَنْ يسير طالبًا وطنه، أو الَّذي يمرّ بالمكان دون أن يقيم فيه، ويجتازه قاصدًا منزله.

قلّة متاع الدّنيا

قال تعالى: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى ... (٧٧)} [النّساء]،


(١) أحمد "المسند" (ج ٣/ص ٢٢٢/رقم ٢٧٤٤) وإسناده صحيح.
(٢) البخاري "صحيح البخاريّ" (ج ٨/ص ٨٩/رقم ٦٤١٦) كِتَابُ الرِّقَاقِ.

<<  <   >  >>