للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَلَمَّا بَلَغَهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "لَقَدْ ضَيَّعْنَا قَرَارِيطَ كَثِيرَةً" (١).

استحباب الإسراع بالجنازة وَالْعلَّة فِي ذَلِك

إذا وضعت الجنازة على الأكتاف، وحملها الرِّجال، فَإِنَّهُ يُسَنُّ الإسراع بها، لحديث أَبِي هُرَيْرَة - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا، وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ" (٢).

والمراد الإسراع في المشي بالجنازة، ويدخل ضمنًا الإسراع في تجهيزها والصَّلاة عليها، فظاهر الحديث يعمُّ كلَّ ذلك.

وصفة الإسراع في السّير فوق المشي المعتاد ودون الرَّمَل (الْهَرْوَلَة)، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن جَوْشَن، قال: "خرَجْتُ فِي جَنَازَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: فَجَعَلَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِهِ يَسْتَقْبِلُونَ الْجِنَازَةَ فَيَمْشُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، وَيَقُولُونَ: رُوَيْدًا بَارَكَ اللهُ فِيكُمْ، قَالَ: فَلَحِقَنَا أَبُو بَكَرَةَ مِنْ طَرِيقِ المِرْبَدِ، فَلَمَّا رَأَى أُولَئِكَ، وَمَا يَصْنَعُونَ حَمَلَ عَلَيْهِمْ بِبَغْلَتِهِ، وَأَهْوَى لَهُمْ بِالسَّوْطِ، وَقَالَ: "خَلُّوا، فَوَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ أَبِي الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -، لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّا لَنَكَادُ أَنْ نَرْمُلَ بِهَا" (٣).

والمراد من الإسراع بالجنازة التَّعجيل بصاحبها إلى الخير، أو ليستراح منه، فالإنسان إذا كَانَ صَالِحًا يبشّر بالجنّة، فيشتاق إليها ويرغب أن يقدّم إلى الدّفن، ليقدم عَلَى مَا أَعَدَّ الله تعالى له وينعم بما أنعم عليه, ولذلك فإنَّ الإسراع في تَقْدِيمه


(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٢/ص ٦٥٢) كِتَابُ الْجَنَائِزِ.
(٢) البخاريّ "صحيح البخاري" (ج ٢/ص ٨٦/رقم ١٣١٥) كِتَابُ الجَنَائِزِ.
(٣) أحمد "المسند" (ج ٣٤/ص ٤١/رقم ٢٠٤٠٠) إسناده صحيح.

<<  <   >  >>