للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: "لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ" فهموا أنَّ مراده - صلى الله عليه وسلم - لم يقترف ذنبًا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، ولذلك زَاد ابن مُبَارَكٍ عَنْ فُلَيْحٍ، قَالَ: "أُرَاهُ يَعْنِي الذَّنْبَ" (١)، قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (البخاريّ): {وَلِيَقْتَرِفُوا ... (١١٣)} [الأنعام]: أَيْ لِيَكْتَسِبُوا. ويلاحظ أنّ البخاريّ أتى بالمفردة القرآنية ليؤيّد كلام ابن المبارك، والله أعلم.

وفهم آخرون من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ" أنّ مراده - صلى الله عليه وسلم - أن يكون ممّن لم يَقْرَبْ أَهْلَهُ اللّيلة، بِدَلِيلِ أَنَّهُ ذَكَرَ اللَّيْلَ، وهذا الفعل يقع غالبًا ليلًا، ويشهد لذلك قول النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يَدْخُلِ الْقَبْرَ رَجُلٌ قَارَفَ أَهْلَهُ اللَّيْلَةَ" (٢)، وعلى ذلك فلا ينبغي لمن وطئ أهله تلك اللّيلة أن يتولَّى الدَّفن.

على كلّ هذا الحديث يُحْتَجُّ به في كون الرِّجال هم الذين يتولّون الدَّفن دون النِّساء، وإن كان الميِّت امرأة، وأنَّه يتولَّى دفن المرأة من كان أعرف بطريقة الدَّفن سواء كان من محارمها أو لم يكن، وأنَّ نزول مَنْ لم يقارف القبر سنَّة غائبة.

[توجيه الميت في قبره إلى القبلة]

يوجَّه الميّت على جهته اليمنى، ويستقبل به القبلة، أي يوضع على جنبه الأيمن، ووجهه نحو القبلة، قال - صلى الله عليه وسلم - في البَيْتِ الْحَرَامِ: "قِبْلَتكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا" (٣).


(١) البخاريّ "صحيح البخاري" (ج ٢/ص ٩١) كِتَابُ الجَنَائِزِ. ذكره البخاريّ تعليقًا.
(٢) الحاكم "المستدرك" (ج ٤/ص ٥١/رقم ٦٨٥٢) وقال: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وأخرجه أحمد في "المسند" (ج ٢١/ص ٣٤١/رقم ١٣٨٥٣) وإسناده صحيح على شرط مسلم.
(٣) أبو داود "سنن أبي داود" (ج ٤/ص ٤٩٩/رقم ٢٨٧٥)، وحسّنه الألباني في "الإرواء" (ج ٣/ص ١٥٤/رقم ٦٩٠)، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (ج ٤/ص ٢٨٨) وصحّح إسناده.

<<  <   >  >>