للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النّهي عن البكاء فوق ثَلَاث

لمّا اسْتُشْهِدَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - رَخَّصَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لآل جَعْفَر ... في البكاء ثلاث لَيَال، ثُمَّ نهاهم عن البكاء بعدها، فقد أَمْهَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ... آلَ جَعْفَرٍ - ثَلاثًا - أَنْ يَأْتِيَهُمْ، ثُمَّ أَتَاهُمْ، فَقَالَ: "لَا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ" (١).

والنَّهي عن البكاء بعد ثلاث نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَا نَهْي تَحْرِيمٍ، فالبكاء بعدها جائز، لكن الأولى تركه فلَا يُزَاد فِي الْبُكَاءِ والتَّحَزُّنِ وَالتَّوَجُّعِ على الميّت فَوْقَ ثَلاث لَيَالٍ.

هذا ومن النَّاس من له عبرات وحسرات مَا لَهُنَّ نفاد، فهل أغنى بكاء، أَمْ هل نفع عويل؟ ! قال أراكة الثّقفي يعزّي نفسه في ابنه عمرو: ...

تأمَّلْ فإنْ كَانَ البكا رَدَّ هالكًا ... على أَحَدٍ فاجهدْ بُكاك على عَمرو (٢)

ومن النّاس من يبكي ألمًا على مَنْ مات له مضيّعًا للصّلاة مُتوعَّدًا عليها، بقوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)} [مريم].

أو على امرأة ماتت وقد ذمَّها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ ... عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُؤوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ المَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ،


(١) أحمد "المسند" (ج ٣/ص ٢٧٩/رقم ١٧٥٠) إسناده صحيح على شرط مسلم.
(٢) الزّمخشري "ربيع الأبرار" (ج ٥/ص ١٤٣).

<<  <   >  >>