للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضي الله عنهما -، يَقُولُ: "إِذَا أَمْسَيْتَ فَلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ" (١). فإذا تنبَّهت إلى الموت، فهذا ممَّا أراده الله تعالى لك من الخير.

[الدنيا يوم غده الآخرة]

النَّاس على ثَلَاثة أَحْوَال متباينة في معيشتهم، فمن النَّاس مَنْ يعيش في طاعة، ومنهم من يعيش في معصية، ومنهم من يعيش في غفلة.

وخليق بمن قرأ كلام الله تعالى ألّا يغفل عن أمر آخرته وَالتَّزَوُّدِ لَهَا، قال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (١)} [الأنبياء]، وقال تعالى: {وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ... (١٨)} [الحشر].

وانظر كيف عبَّر الله تعالى عن يوم القيامة بكلمة (غد) لقربه وتحقّق وقوعه، ونكَّر كلمة (نفس) وأفردها للإشارة إلى أنَّ الأنفس النَّاظرة في معادها قليلة، فَقَلَّ أن تجد نفسًا ناظرة، كما نكَّر كلمة غد؛ لتعظيم هذا اليوم وإبهامه، لتذهب النَّفسُ كلّ مذهب في تصوِّر عظمته وهول مطلعه.

فيا مقبلًا على أمله، لا يدري منتهى أجله، أَمْسِك واعمل لغدك وامهد لنفسك، فلو علمت ما بقي لك من الأجل لزهدت كثيرًا في طول الأمل.

وقد حثَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على قِصَرِ الْأَمَلِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِبَغْتَةِ الْأَجَلِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - خُطُوطًا، فَقَالَ: "هَذَا الأَمَلُ وَهَذَا أَجَلُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ


(١) البخاريّ "صحيح البخاري" (ج ٨/ص ٨٩/رقم ٦٤١٦) كِتَابُ الرِّقَاقِ.

<<  <   >  >>