للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَاءَهُ الخَطُّ الأَقْرَبُ" (١).

ما ينتظر أحدنا؟ !

كم في هذه الدَّار من أذى وقذى، كم أضحكت باكيًا وأبكت ضاحكًا، كم عاش فيها من سقيم وتخطّاه الموت، وكم من صحيح مات فيها من غير بَلِيَّةٍ، وكم عاش فيها من عاش مائة عام ومات آخر قبل فطام، وكم عمل فيها عَبْدٌ بعمل أهل

الجنّة فلم يختم له بخير، وعمل آخر بعمل أهل النَّار وختم له بخير.

فيا مَنْ يُؤَمِّلُ دارًا لا تُؤَمَّلُ، ويَأْمَنُ موتًا لا يُؤْمَنُ، ويودّ أن يعمَّر عُمْرًا طَوِيلَ الْآبَادِ بَعِيدَ الْآمَادِ، هَيْهَاتَ أن تَبْقَى في دار لا بقاء لها ولا ثبوت! فَخَبِّرْنِي مَا تنْتَظِرُ إِلَّا المرض أو الهرم أو الموت؟ !

الأمراض تكفّر الخطايا وإن قلّت

قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَرَأَيْتَ هَذِهِ الْأَمْرَاضَ الَّتِي تُصِيبُنَا مَا لَنَا بِهَا؟ قَالَ: كَفَّارَاتٌ، قَالَ أُبَيٌّ: وَإِنْ قَلَّتْ؟ قَالَ: وَإِنْ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا" (٢). ودَخَلَ شَبَابٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى عَائِشَةَ - رضي الله عنها - وَهِيَ بِمِنًى، وَهُمْ يَضْحَكُونَ، فَقَالَتْ: مَا يُضْحِكُكُمْ؟ قَالُوا: فُلَانٌ خَرَّ عَلَى طُنُبِ فُسْطَاطٍ (أي حَبْل خِبَاء)، فَكَادَتْ عُنُقُهُ، أَوْ عَيْنُهُ أَنْ تَذْهَبَ، فَقَالَتْ: لَا تَضْحَكُوا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً، فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا كُتِبَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ" (٣).


(١) البخاريّ "صحيح البخاري" (ج ٨/ص ٨٩/رقم ٦٤١٨) كِتَابُ الرِّقَاقِ.
(٢) أحمد "المسند" (ج ١٧/ص ٢٧٨/رقم ١١١٨٣) إسناده حسن.
(٣) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٤/ص ١٩٩١) كتابُ الْبِرِّ.

<<  <   >  >>