الْحَمْدُ لله الّذي قَصَّ علينا في كتابه المُبِين، مِنْ سِيَرِ المُرْسَلِينَ، وأنباء الغابرين، وأخبار الماضين، ما فيه عظة وعبرة وذكرى على مرِّ الدَّهر المديد، والأمد البعيد {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧)} [ق].
الحمد لله الَّذي جعل الموت على عباده حتمًا مقضيًّا، فسوَّى فيه بين مَنْ كان رسولاً أو نبيًّا، أو رفيعًا أو دنيًّا، أو ضعيفًا أو قويًّا، فقال - عز وجل -: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (٥٧)} ... [العنكبوت].
والصَّلاة والسَّلام على رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ما ذرَّ شارِقٌ ولاح بارق، خاطبه ربُّه في حياته، وقال له: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (٣٤)} [الأنبياء].
ألا فَلْيَتَّقِ اللهَ أُنَاسٌ نَعَاهم الله تعالى بعد نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، فقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠)} [الزّمر]، وإنَّ إنسانًا قرأ هذه الآية لَمَحْقُوقٌ أنْ يستشعر أنَّ نفسه نُعِيَتْ إلى الرَّحيل!
يعيش الواحد منَّا مع صفيّ أو حليف، وينسى أنَّ لهذه الدَّار بأهليها صروفًا، فلكلِّ اجتماع من حميمين فرقة وغربة، والموت لا يبقي عزيزًا لعزيز؛ فكلّ