للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حكم توجيه المحتضر إلى القبلة]

نقل النّووي في (المجموع) الإجماع على استحباب توجيه المحتضر عِنْدَ نَزْعِهِ إلى القبلة، قال: "يُسْتَحَبُّ أَنْ يسْتَقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةَ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَفِي كَيْفِيَّتِهِ المُسْتَحَبَّةِ وَجْهَانِ" (١). وقال في المجموع: "وَاحْتَجَّ لِلْمَسْأَلَةِ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ" (٢).

قلت: وفي نقله الإجماع نظر، فقد كره مالك ـ كما في المدخل ـ أن يوجّه المحتضر إلى القبلة اقتداء، قال: "لَمْ يَكُنْ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ، وَكَرِهَ أَنْ يُعْمَلَ ذَلِكَ اسْتِنَانًا" (٣).

وكره ذلك سعيد بن المسيّب، فقد حُوِّلَ فِرَاشُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ فِي مَرَضِهِ، فَأَمَرَ أَنْ يُعَادَ كَمَا كَانَ، عن زُرْعَة بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ شَهِدَ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ فِي مَرَضِهِ وَعِنْدَهُ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَغُشِيَ عَلَى سَعِيدٍ، فَأَمَرَ أَبُو سَلَمَةَ، أَنْ يُحَوَّلَ فِرَاشُهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَأَفَاقَ، فَقَالَ: "حَوَّلْتُمْ فِرَاشِي؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَنَظَرَ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: أُرَاهُ عَمَلَكَ، فَقَالَ: أَنَا أَمَرْتُهُمْ، فَقَالَ: فَأَمَرَ سَعِيدٌ أَنْ يُعَادَ فِرَاشُهُ" (٤).

قلت: والاحتجاج بحديث أبي قتادة أنَّ البراء بن معرور أَوْصَى أَنْ يُوَجَّهَ


(١) النّووي "المجموع" (ج ٥/ص ١١٦).
(٢) المرجع السّابق.
(٣) ابن الحاج "المدخل" (ج ٣/ص ٢٢٩).
(٤) ابن أبي شيبة "المصنّف" (ج ٢/ص ٤٤٧/رقم ١٠٨٧٧) وصحّحه الألباني في "الأحكام" (ص ١١) قال: أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" بسند صحيح عن زرعة.

<<  <   >  >>