[صبره - صلى الله عليه وسلم - على فقد الأخيار وتسليمه للأقدار]
تعرَّض النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لمصيبة فقد الأولاد وفرقة الأحباب كغيره من النَّاس، مات أولاده كلُّهم في حياته عدا فاطمة - رضي الله عنها -، مات له: القاسم، وعبد الله، وإبراهيم، ورقيّة، وزينب، وأمّ كلثوم، ومات أحفاده في حياته عدا الحسن والحسين - رضي الله عنهما -، وماتت زوجه خديجة، واستشهد من أصحابه ... لكنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان قد وَطَّنَ نفسه على الاحتمال والرِّضا؛ فقد أخبره الله تعالى بما سينزل به وبالمؤمنين ليصبروا، فقال تعالى: ... {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥)} [البقرة].
وقد بَكَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لموت أصفيائه ـ كمَا سَيَأْتِي ـ وَلَمْ يَمْلِكْ عَيْنَيْهِ مِنَ الرَّحْمَةِ، ولذلك فإنَّ الإنسان يُعْذَر ولا يلام على حزن القلب وبكاء العين عند نزول المصيبة؛ لأنَّ ذلك ليس أمرًا اخْتِيَارِيًّا وإنّما هو بِالْجِبِلَّةِ والطَّبع. والأمر والنَّهي لا يتعلَّق في الشَّرع بالأمور الِاضْطِرَارِيَّةِ، والبكاء لَا يُخَالِفُ الصَّبر والرِّضَا طالما أنَّه بكاء رحمة وليس بكاء جزع وقلّة صبر.
وبكى - صلى الله عليه وسلم - وهُوَ يُصَلِّي، وبكى عند سماع القرآن وغير ذلك، لكنَّه لم يكن يرفع صوته بالبكاء، وإنَّما كانت عيناه تدمعان، وكان يُسْمَعُ لِصَدْرِهِ أَزِيزٌ.
بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في زيارته قبر أمّه
بكى - صلى الله عليه وسلم - وأبكى عند قبر أمِّه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْرَ