مَنْ مُتِّع بكبر قيَّده هرم وبلي بسهر وَعِبَر، وعَضَّه ريب الدَّهر، فإذا صبرت على نكبات الدَّهر فإنَّ الله تعالى يدَّخر لك الأجر، وإن لم تصبر فما أنت بصانع؟ ! فماذا بعد أن يطول عليك سَالِف الأَبَد إلّا الموت في يوم أغرّ مشهَّر؟ !
إنّ الطَّريق إلى الجنَّة محفوف بِالمَكَارِهِ، والمؤمنون مُبْتَلَوْنَ في الأموال والأنفس، وممتحنون بضروب من البلاء وصنوف من المحن الصَّمَّاءِ، والفتن العمياء المُطْبِقَةِ، وممتحنون في الصَّبر والإيمان، ليمحِّصَ الله - جل جلاله - الذُّنوبَ ويغفر الْحُوبَ، قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥)} [البقرة]، وقال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (٣١)} [محمّد].
وقد بيَّن النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في غير حديث أنَّ الصَّبر على الأذى من مرض فما عداه يرفع الله تعالى به الدَّرجات ويحطُّ به السَّيِّئَاتِ، فيلقى العبد ربَّه نَقِيًّا مِنْ رَيْنِ الذُّنُوبِ، قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا يَزَالُ البَلاءُ بِالمُؤْمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ، وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ، حَتَّى يَلْقَى الله وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ"(١).
فالْأَمْرَاض من مُكَفِّرَاتِ الذُّنوب الّتي تَغْسِلُ الْخَطَايَا، قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ، إِلَّا حَطَّ الله لَهُ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ