اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ كما ينبغي لجلال وجهك العظيم، وسلطانك القديم، أحمدك بكل حمدٍ حمدتَ به نفسك، وبكل حمدٍ تحبُّ أَنْ تُحْمَدَ بِهِ، وبكل ما حمدتك به الملائكة والأنبياء والمرسلون، وعبادُ الله الصالحون، وأحمدك يا مولانا بكل حمدٍ خَصَصْتَ به أحدًا مِنْ خلقك، فأجريته على لسانِه، فَقَبِلْته وأحبَبْته، وأشهد لك بكل ما شَهِدْتَ به لنفسك، وكما شهدت الملائكة والأنبياء والمرسلون، وعبادُ الله الصالحون.
وأشهدُ لعبدك ونبيِّك ورسولك محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، بكلِّ ما شَهِدْت به له مِنَ النُّبُوَّةِ والرِّسالة والخُلُق العظيم، اللَّهُمَّ صَلِّ عليه أزكى صلاة، وسلِّم عليه أتمّ تسليم، وعلى آل بيته الأطهار، وأصحابه الأخيار، وأزواجه أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وألحقنا به وبهم يا مولانا وأنت راضٍ عنَّا، اللَّهُمَّ آمِينَ، وبعد:
فلِلهِ دَرُّكَ أبا عبيدة، لقد جمعتَ فأوعيتَ، وقدحت فأوريت، وأبليتَ فأَحْسَنْتَ وَأَجْمَلْتَ. ولقد نظرتُ في هذا العمل، ورأيت فيه الحياة الدُّنيا، كما أراد الله - عز وجل - أن نراها؛ إنَّها طريقُ الآخرة، فهي ممرُّنا ومعبرنا إلى دار المستَقَرِّ، ومهما اتَّسعت بنا عَرَصاتُها، وتعدَّدت أفناؤُها، وتكاثرت زخارِفُها، وتعالت مباهجها، فإنَّ في اتساعها ضيقًا، وفي فرحتها غصَّة, وفي مباهجها فناءً، وفي زخارفها زوالًا، لكنّ الآخرة هي دارُ المستَقَرِّ والخلود، إنَّها السَّعادة الَّتي لا شقاء معها، أو الشَّقاء والعذاب اللَّذَانِ لا سعادة معهما.