للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكاء النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - على ولد ابنته - رضي الله عنها -

وبكى المصطفى - صلى الله عليه وسلم - على ابن ابنته (١)، فقد أرسلت إلى أبيها النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رسولاً يخبره أنَّ ابنها في النّزْعِ وتطلب منه أن يأتيها، فأَرْسَلَ يقرئها السَّلام ويأمرها بالصَّبر والاحتساب، فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينَّها ترجو مواساته لها، فَقَامَ وَمَعَهُ رجال، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ولدها، وهو في الموت، وَنَفْسُهُ تضطرب، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ - صلى الله عليه وسلم -.

عَنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، - رضي الله عنهما -، قَالَ: أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ،

فَأْتِنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلامَ، وَيَقُولُ: إِنَّ لله مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ، وَلْتَحْتَسِبْ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمَعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ - قَالَ: حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَالَ كَأَنَّهَا شَنٌّ (قرْبَة خَلِقَة يَابِسَة) - فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ الله، مَا هَذَا؟ فَقَالَ: هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا الله فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ الله مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ" (٢).

ولعلّ سائلًا يسأل: لماذا امتنع - صلى الله عليه وسلم - أوّلًا، وهو يعلم أنَّ الأمر جَلَل والمصابَ فادحٌ، وأنَّ رؤيتها له ووقوفه معها في هذه السَّاعة يدفع عنها شيئًا ممَّا هي فيه من الألم؟ والجواب، لاشك أنَّ مكانة ابنته عنده عظيمة، لكنّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكن مَقْصُورًا على أهل بيته، وإنَّما للنَّاس كافَّة، وربَّما كان عنده ساعتها مِن الْأُمُورِ


(١) اختلف فيها، ولعلّها رقيّة، وابنها هو عبدالله بن عثمان بن عفّان.
(٢) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٢/ص ٧٩/رقم ١٢٨٤) كِتَابُ الجَنَائِزِ.

<<  <   >  >>