ولا شكَّ أنَّ الْجَزَاء بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يترتَّب على الْأَسْبَابِ وَالْأَعْمَالِ، ولذلك كلَّما كان العبد أقوم فِعْلًا كَانَ أَعْظَمَ تَثْبِيتًا، فانظر كيف جعل الله تعالى الْعَمَل سَببًا للتّثبيت: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦)} [النّساء].
فرؤية المؤمن للملائكة لا تفزعه، ولا تمنعه من الإجابة، كما لم تمنعه من طلب الصَّلاة قبل السُّؤال، ولا من تبشير أهله بعده.
عَرْض مَقْعَد الميّت مِنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ عَلَيْهِ بعد السّؤال
وبَعْدَ السُّؤَالِ يُعْرَضُ عَلَى الميّت مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ، غُدْوَةً وَعَشِيًّا، إِمَّا النَّارُ وَإِمَّا الجَنَّةُ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى تُبْعَثَ إِلَيْهِ"(١).
سؤال الميّت بعد سؤال الملك أن يرجع فيبشر أهله
أخرج أحمد من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه -، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَإِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ أَتَاهُ مَلَكٌ، فَسَأَلَهُ: مَا كُنْتَ تَعْبُدُ؟ فَإِنِ اللهُ هَدَاهُ، قَالَ: كُنْتُ أَعْبُدُ اللهَ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ قَالَ: فَيَقُولُ هُوَ عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ، قَالَ: فَمَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ غَيْرِهَا، فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى بَيْتٍ كَانَ لَهُ فِي النَّارِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا بَيْتُكَ كَانَ فِي النَّارِ، وَلَكِنَّ اللهَ عَصَمَكَ ... وَرَحِمَكَ، فَأَبْدَلَكَ بِهِ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأُبَشِّرَ أَهْلِي، فَيُقَالُ لَهُ: