للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذ المقصد من هذه الصَّلاة الدُّعاء والاستغفار للميِّت؛ لعلَّ الله تعالى أن يطِّلع على قلوبهم فيجد الإخلاص فيشفّعهم فيه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى المَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ" (١)، والحديث حجّة جليّة على أنّ الميّت ينتفع بدعاء الحيّ، ولو لم يكن من سعيه.

دعَاء النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - للميت فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ

مَقْصُودُ الصَّلَاةِ عَلَى المَيِّتِ الدُّعَاءُ له والشَّفاعة فيه، والدُّعَاءُ ممَّا يَلْحَقُ المَيِّتَ مِنَ بَعْدَ مَوْتِهِ. فممَّا يقوله المصلِّي على الجنازة من دعائه - صلى الله عليه وسلم - ما أخرجه مسلم عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ـ وَصَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ ـ يَقُولُ: "اللهُمَّ، اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَاعْفُ عَنْهُ وَعَافِهِ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ" (٢). قَالَ عَوْفٌ: فَتَمَنَّيْتُ أَنْ لَوْ كُنْتُ أَنَا المَيِّتَ، لِدُعَاءِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ذَلِكَ المَيِّتِ.

وكَانَ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ، قَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ" (٣).


(١) أبو داود "سنن أبي داود" (ج ٥/ص ١٠٩/رقم ٣١٩٩) إسناده حسن.
(٢) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٢/ص ٦٦٣) كِتَابُ الْجَنَائِزِ.
(٣) أحمد "المسند" (ج ١٤/ص ٤٠٦/رقم ٨٨٠٩) حديث صحيح بطرقه وشواهده.

<<  <   >  >>