للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التزاحم عَلَى النّعْشِ

لا يجوز التَّزَاحُمُ عَلَى النَّعْشِ، عن عَطَاء، قَالَ: حَضَرْنَا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ - رضي الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِسَرِفَ (مكان قرب مكّة)، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "هَذِهِ زَوْجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا، فَلَا تُزَعْزِعُوا، وَلَا تُزَلْزِلُوا، وَارْفُقُوا" (١). وعَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: "شَهِدْت جِنَازَةً فِيهَا أَبُو السِّوَارِ (حُرَيْثُ بْنُ حَسَّانَ) فَازْدَحَمُوا عَلَى السَّرِيرِ، فَقَالَ أَبُو السِّوَارِ: أَتَرَوْنَ هَؤُلَاءِ أَفْضَلَ أَوْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -؟ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ إذَا رَأَى مَحْمَلًا حَمَلَ، وَإِلَّا اعْتَزَلَ وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا" (٢).

كراهية رفع الصّوت في الجنازة

إذا تبع المسلم جنازة عليه بالصَّمت والسّكون والوقار في حال السَّير معها؛ فذلك أدعى لأن يعتبر ويتَّعظ ويتفكَّر في حاله ومآله، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: "كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ، وَعِنْدَ الْقِتَالِ، وَعِنْدَ الذِّكْرِ" (٣). فلا ترفع عند الجنازة الصَّوت؛ تعظيمًا لهول الموت، وفي الموت ما يشغل الإنسان عن الكلام والأنام، ويزهِّد في الدُّنيا ويرغِّب في الآخرة.

وعَن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي جِنَازَةٍ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ، فَجَلَسَ وَجَلَسْنَا كَأَنَّ عَلَى رُؤوسِنَا الطَّيْرَ" (٤)، كِنَايَة عَن السُّكُونِ،

فلا تغترّ بكثرة الَّذِينَ يسيرون خلف الجنائز يُهَلِّلُونَ.


(١) ابن حزم "المحلّى" (ج ٣/ص ٤٠٩) كِتَابُ الْجَنَائِزِ.
(٢) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٢/ص ١٠٨٦) كِتَابُ الرِّضَاعِ.
(٣) البيهقي "السّنن الكبرى" (ج ٤/ص ١٢٤/رقم ٧١٨٢) رجاله ثقات.
(٤) ابن ماجة "سنن ابن ماجة" (ج ٢/ص ٤٩٨/رقم ١٥٤٩) حديث صحيح، إسناد قويّ.

<<  <   >  >>