للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّوْحِ وَالصُّرَاخِ والإعوال، لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أذن بالْبُكَاءِ بَعْدَ المَوْتِ.

[النهي عن البكاء بعد الموت نهي تنزيه]

يجوز الْبُكَاءِ بَعْدَ المَوْت، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: "شَهِدْنَا بِنْتًا لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: وَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ عَلَى القَبْرِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ" (١).

والنَّهْي عَن الْبكاء بعد المَوْتِ مَحْمُول عَلَى التَّنْزِيه وَالْأولَى، وَلَيْسَ بِحرَام، كما في حديث جَابِر بْن عَتِيكٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ الله بْنَ ثَابِتٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ عَلَيْهِ فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَاسْتَرْجَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ: "غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا أَبَا الرَّبِيعِ، فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ وجعل ابن عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: دَعْهُنَّ، فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ، فَقَالُوا: وَمَا الْوُجُوبُ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: إِذَا مَاتَ" (٢).

فظاهر النَّهي في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ" النَّهي عن البكاء مُطْلَقًا بعد الموت، وهو محمول على البكاء المصحوب بالنِّياحة والنَّدب ونحو ذلك؛ لأنّ البكاء بدمع العين وحزن القلب جاءت السُّنَّةُ بإباحته قبل الموت وبعده، فهو رحمة بِالمَيِّتِ.


(١) البخاريّ "صحيح البخاريّ" (ج ٢/ص ٧٩/رقم ١٢٨٥) كِتَابُ الجَنَائِزِ.
(٢) ابن حبّان "صحيح ابن حبّان" (ج ٧/ص ٤٧٦/رقم ٣١٨٩) صحيح، كذا قال ... شعيب الأرنؤوط، وصحّحه الألبانيّ في "التّعليقات الحسان" (ج ٥/ص ١٤٢/رقم ٣١٨٠)، والنّوويّ في "خلاصة الأحكام" (ج ٢/ص ١٠٥٥/رقم ٣٧٦٩).

<<  <   >  >>