للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّلَامَ، تَعْنِي مُبَشِّرًا، فَقَالَ: يَغْفِرُ اللهُ لَكِ يَا أُمَّ مُبَشِّرٍ، أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا نَسَمَةُ المُسْلِمِ طَيْرٌ تَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهَا اللهُ - عز وجل - إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (١) قَالَتْ: صَدَقْتَ، فَأَسْتَغْفِرُ اللهَ. قلت: وظاهر الحديث أنَّ كعب بن مالك - رضي الله عنه - أقام الحجَّة عليها، ولعلَّ المعنى أنَّ روح المسلم في شغل عن ذلك بنعيم الجنَّة، وما طلبته أُمُّ مُبَشِّرٍ ليس العمل عليه. لكنَّنا نجزم باجتماع الموتى إلى الميِّت وسؤالهم إياه أوَّل ما يُصْعَدُ بِرُوحِه إِلَى السَّمَاءِ، فَالمُعْتَمَدُ مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ صَرِيحًا.

هل تتلاقى أرواح الأموات وتتذاكر؟

ثبت أنّ أَرْوَاح المؤمنين تتلاقى وتتحادث وتتذاكر في البرزخ أوَّل ما يُصْعَدُ بِرُوحِ المؤمن إِلَى السَّمَاءِ، وثبت أَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ وَيَتَلَقَّوْنَ المَيِّتَ ثُمَّ يَسْأَلُونَهُ عَنْ مَعَارِفِهِمْ، أخرج البزَّار من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - مرفوعًا: "وَإِنَّ المُؤْمِنَ يُصْعَدُ بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَأْتِيهِ أَرْوَاحُ المُؤْمِنِينَ فَيَسْتَخْبِرُونَهُ عَنْ مَعَارِفِهِمْ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، فَإِذَا قَالَ: تَرَكْتُ فُلانًا فِي الدُّنْيَا، أَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ، وَإِذَا قَالَ: إِنَّ فُلانًا قَدْ مَاتَ، قَالُوا: مَا جِيءَ بِهِ إِلَيْنَا" (٢).


(١) أحمد "المسند" (ج ٢٥/ص ٥٥/رقم ١٥٧٧٦) إسناده صحيح على شرط الشّيخين.
(٢) البزّار "مسند البزّار" (ج ١٧/ص ١٥٤/رقم ٩٧٦٠) قال السّيوطي في "شرح الصّدور" (ص ٩٧): أخرجه الْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح. وصحّحه الألباني في "الصّحيحة" (ج ٦/ص ٢٦٢/رقم ٢٦٢٨) وقال الهيثمي في "مجمع الزّوائد" (ج ٣/ص ٥٣/رقم ٤٢٧١): رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ خَلَا سَعِيدَ بْنَ بَحْرٍ، فَإِنِّي لَمْ أَعْرِفْهُ. قلت: وهذا الّذي لم يعرفه -رحمه الله- وثَّقه الخطيب في "تاريخ بغداد " (ج ١٠/ص ١٣١/رقم ٤٦٢٦).

<<  <   >  >>