للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقِيَامَةِ دَخَلَتْ كُلُّ نَفْسٍ فِي جَسَدِهَا" (١).

ويشهد لمعناه ما رواه أحمد بسند صحيح من حديث كَعْب بن مَالِك الْأَنْصَارِيّ - رضي الله عنه - وَهُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ - رضي الله عنهم - كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إِنَّمَا نَسَمَةُ المُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهَا اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ" (٢).

وقوله: "نَسَمَةُ المُؤْمِنِ طَائِرٌ" تَعُمُّ الشَّهِيدَ وَغَيْرَهُ؛ فالحديث فيه كرامة لعموم المؤمنين، لأنَّ اللَّفظ جاء مطلقًا بصيغة العموم، ويحتمل أنَّ هذه الكرامة للشُّهداء خاصَّة دون غيرهم، لأن الكتاب والسُّنَّة ينصَّان على ذلك، فَيُحْمَلُ المُطْلَقُ عَلَى المُقَيَّدِ.

ولعلَّ المعنى أنَّ روح المؤمن كهيئة طائر، وأنّها فِي نَعِيمٍ مقيم. ولا نستطيع الجزم بأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أجاب عن سؤال أُمِّ هَانِئٍ - رضي الله عنها - بالنَّفي أو الإثبات، فقد اختلف الشُّرَّاح في ذلك.

ولمّا اشتكى كعب بن مالك - رضي الله عنه - مَرَضَ الموْتِ وحضرته الْوَفَاةُ، دَخَلَتْ عَلَيْهِ أُمُّ مُبَشِّرٍ بِنْتُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، وطلبت منه إنْ لَقِي ابنها بعد موته أن يقرئه مِنها السَّلَامَ، أخرج أحمد من طريق مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ... كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ مُبَشِّرٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ شَاكٍ: اقْرَأْ عَلَى ابْنِي


(١) أحمد "المسند" (ج ٤٥/ص ٣٨٣/رقم ٢٧٣٨٧) حديث صحيح لغيره، وصحّحه الألباني في "الصّحيحة" (ج ٢/ص ٢٨٩/رقم ٦٧٩) و"صحيح الجامع" (ج ١/ص ٥٧٤/رقم ٢٩٨٩).
(٢) أحمد "المسند" (ج ٢٥/ص ٦٥/رقم ١٥٧٨٧) إسناده صحيح على شرط الشّيخين.

<<  <   >  >>