للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (٣٨)} [التّوبة]، وقال تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ... (٤٥)} [الكهف].

الزّجر عن اغترار المرء بما أوتي من هذه الدّنيا الفانية وزهوه في شيء منها

حَضَّ الله تعالى عباده على الزُّهد في الدُّنيا وعدم الاغترار بشَيْءٍ مِنْها، وعلى الرَّغبة في الآخرة، قال تعالى: {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٣٦)} [الشّورى]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنَ الخُيَلاءِ، خُسِفَ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الأَرْضِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ" (١)، فلا تُعْجِبكَ نَفْسُكَ بما أوتيت من حطامها، فهذه الدُّنيا تَغُرُّ وَتَضُرُّ فكُنْ منها على حذر.

[الأجل أسرع من العمل]

كم مِن آمل مبتلى ببعد الأمل والغفلة عن الأجل، مرَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالصَّحَابِيِّ الجليل عَبْدِ الله بْنِ عَمْرو - رضي الله عنهما -، وكان يطيّن حائطًا له هو وأمّه، فأرشدهما - صلى الله عليه وسلم - إلى أنَّ المَوْت أَسْرَعُ مِنْ ذَلِكَ، وأنّ إصلاح العمل للآخرة أولى، وأنّ الموت قريب، ليقصر أملهما، عنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما -، قَالَ: مَرَّ بِنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نُصْلِحُ خُصًّا لَنَا، فَقَالَ: "مَا هَذَا؟ قُلْنَا: خُصًّا لَنَا، وَهَى فَنَحْنُ نُصْلِحُهُ، قَالَ: فَقَالَ: أَمَا إِنَّ الْأَمْرَ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ" (٢).


(١) البخاري "صحيح البخاريّ" (ج ٤/ص ١٧٧/رقم ٣٤٨٥) كِتَابُ أَحَادِيثِ الأَنْبِيَاءِ.
(٢) أحمد "المسند" (ج ١١/ص ٤٦/رقم ٦٥٠٢) إسناده صحيح على شرط الشّيخين.

<<  <   >  >>