للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ ... " (١).

فمن حفظ الله تعالى في صحته حفظه الله تعالى في مرضه، ومَنْ تعرَّف عليه سبحانه في الرَّخاء عرفه الله تعالى في الشِّدَّةِ. وخلاصة الخلاصة من أراد أن يكون في حفظ الله تعالى وأن يأتيَه بقلب منيب، فعليه أن يحفظ حدوده، وحفظ حدود الله تعالى يكون بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فمن فعل ذلك فَهُوَ مِنَ الْحَافِظِينَ لِحُدُودِ الله تعالى، الَّذِينَ مَدَحَهُمُ بقوله - عز وجل -: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (٣٣)} [ق].

[الموت راحة للمؤمن]

ممَّا يدلُّ على استراحة المؤمن بالموت أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: "مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ الله ... " (٢) الحديث.

ولذلك كان من دعاء النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ" (٣)، اللَّهُمَّ اجعل الموت راحة لنا، ولقِّنا منك رحمة ورضوانًا، وعفوًا وغفرانًا.

وممّا يحتجُّ به ما جاء في روح المؤمن إذا فاضت إِلَى بَارِئِهَا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ المُؤْمِنِينَ فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحًا بِهِ مِنْ أَهْلِ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ فَيَقُولُونَ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ فَيَقُولُونَ: دَعُوهُ حَتَّى يَسْتَرِيحَ فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمِّ


(١) أحمد "المسند" (ج ٥/ص ١٩/رقم ٢٨٠٣) حديث صحيح.
(٢) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٨/ص ١٠٧/رقم ٦٥١٢) كِتَابُ الرِّقَاقِ.
(٣) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٤/ص ٢٨٠٧) كتاب الذِّكْرِ.

<<  <   >  >>