للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم تتغيّر ولم تبدّل؟ قلنا نعم، وَلَكِنْ هَذَا لَيْسَ دَلِيلًا على أنَّ كلَّ شهيد لا يبلى، وإنّما هي كرامة من الله تعالى لذلك الإنسان شهيدًا كان أو صالحًا، وعلى ذلك إذا بلي جسد الشَّهيد وتغيَّر فهذا لا ينفي عنه الشّهادة، ولله الحمد.

الرّوح لا تفنى بفناء الجسد

المَيِّتُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالعَشِيِّ حَتَّى يَبْعَثَه الله إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -: أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ الله يَوْمَ القِيَامَةِ" (١)، أي هذا مكانك الذي تبعث إليه وتصله يوم القيامة. والْحَدِيثُ فيه أَنَّ الرُّوحَ لَا تَفْنَى بِفِنَاءِ الْجَسَدِ، وأنّها تنعَّم أو تعذَّب.

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "إِنَّمَا نَسَمَةُ (روح) المُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ" (٢).

أمّا ما خرّجه ابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ الْجَبَّانَةَ يَقُولُ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيَّتُهَا الْأَرْوَاحُ الْفَانِيَةُ ... " (٣)، فالحديث


(١) البخاريّ "صحيح البخاري" (ج ٢/ص ٩٩/رقم ١٣٧٩) كِتَابُ الجَنَائِزِ.
(٢) أحمد "المسند" (ج ٢٥/ص ٥٧/رقم ١٥٧٧٨) إسناده صحيح.
(٣) ابن السّنّي "عمل اليوم واللّيلة" (ص ٥٤٥/رقم ٥٩٣) ضعيف، كذا قال الألباني في "الضّعيفة" (ج ٩/ص ٢٠١/رقم ٤١٨٦).

<<  <   >  >>