سِنُوكَ، فاجهد أن تتوسَّد التّراب خيرًا إذا ما وَارَاكَ لاحِد.
[النوم موت أصغر والموت نوم أكبر]
النَّوم شبيه الموت وشقيقه، وقد سمَّاه الله تعالى وفاة، والقيام منه بعث ونشور، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٦٠)} [الأنعام].
وحين نضع جنباتنا لِنَنَامَ تصعد أرواحُنا، فمن كان أجله قد حان أمسك الله تعالى روحه فلا ترجع إليه، ومن كان في عُمُرِه بقيَّة باقية أرسل الله تعالى إليه روحه إلى أجل مسمَّى، قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ... (٤٢)} [الزّمر].
ولشبه النَّوم بالموت يسنُّ للعبد الدَّعاء، فقد كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فراشه يدعو الله تعالى بهذا الدّعاء:"بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ"(١) فإذا توفّاه الله تعالى كان آخر عهده ذكر الله تعالى.
وكَانَ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ، وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا. وَإِذَا اسْتَيْقَظَ، قَالَ: الحَمْدُ لله الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا
(١) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٨/ص ٧٠/رقم ٦٣٢٠) كتاب الدّعوات.