للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا" (١).

ولذلك إذا أحبّ الله تعالى عبدًا ابتلاه، قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يُرِدِ الله بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ" (٢)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا أَحَبَّ اللهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ، وَمَنْ جَزِعَ فَلَهُ الْجَزَعُ" (٣).

والمؤمن مبتلى شَاءَ أَمْ أَبَى، قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلُ المُؤْمِنِ كَالخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ، تُفَيِّئُهَا الرِّيحُ مَرَّةً، وَتَعْدِلُهَا مَرَّةً، وَمَثَلُ المُنَافِقِ كَالأَرْزَةِ، لا تَزَالُ حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً" (٤).

وإنّما يُجْزَى المسلم بمصائب الدُّنيا من المرض والْهَمِّ والشِّدَّة والمشقَّة وَضِيقِ المَعِيشَةِ وَالْحُزْنِ وَالنَّصَبِ والخوف وَغَيْرِ ذَلِكَ لِما يُرْجَى مِنْ تَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ، قال تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ... ... (١٢٣)} [النِّساء].

ومن رحمة الله تعالى أنّه لَيْسَ فِي الآية تَقْيِيدُ الْجَزَاءِ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وإلّا لم يَنْجُ أَحَدٌ مِنْ عَمَلِ السُّوءِ فِي الْآخِرَةِ، ولذلك فإنَّ هَذَا الْجَزَاءَ قَدْ يَكُونُ فِي الدُّنْيَا مِنْ عِلَلِها ومحنها.

وقد أَشْكَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه - أَمْرُ النَّجَاةِ مَعَ هَذِهِ الْآيَةِ، وَظَنَّ أَنَّ

الْجَزَاءَ فِي الْآخِرَةِ لَا بُدَّ منه على عمل السُّوء، فَأَخْبَرَهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ جَزَاءَ المؤمن بِمَا يَعْمَلُه


(١) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٧/ص ١١٨/رقم ٥٦٦٠) كِتَابُ المَرْضَى.
(٢) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٧/ص ١١٥/رقم ٥٦٤٥) كِتَابُ المَرْضَى.
(٣) أحمد "المسند" (ج ٣٩/ص ٤١/رقم ٢٣٦٣٣) إسناده جيّد.
(٤) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٧/ص ١١٤/رقم ٥٦٤٣) كِتَابُ المَرْضَى.

<<  <   >  >>