والحزن لا يقع باختيار الإنسان، فالنَّهي عن الحزن على الحقيقة المراد به النّهي عمَّا يورث الحزن ويجدّده ويعظّم شأنه، أي النّهي عن طلبه والإغراق فيه لما يسبّبه من ضرر.
وأكثر ما يبعث الحزن التَّذكُّر والتَّأسّف، فهذا سيّدنا يعقوب - عليه السلام - ابيضَّت عيناه من تَجَدُّدِ الحزن ومعاودة الحنين، قال تعالى: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (٨٥)} ... [يوسف].
فالحزن ليس محظورًا؛ لأنّه أَمْرٌ ليس اختيارًا، وهناك مواقف حزن فيها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وبكى، فلمَّا مات ابنه إبراهيم - عليه السلام -، قال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ"(١). وقد صبر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على وفاة أبنائه، فقد ماتوا جميعًا في حياته عدا فاطمة -عليها السلام-، فإنّها توفيت بَعْدَه بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ كما ثبت في الصَّحيح.