للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا قبض، وصَبَرَ رَاضِيًا بِقَضَاءِ الله تعالى رَاجِيًا فَضْلَهُ فَلَيس له جزاء إِلَّا الْجَنَّة.

ويذهب حرّها: أن تعلم أن المؤمن يبتلى في الأموال والأنفس ويمتحن صبره على قدر دينه، وأنَّ شدَّة البلاء من شدَّة الدِّين.

ويذهب حرّها: أن تَتَسَلَّى عمَّن قضى بمن نجا، فتحمد الله تعالى على مَا أَخَذَ وعلى مَا أَبْقَى، وتحمده أن لم يَجْعَل مصيبتك أعظم مِمَّا هِيَ، ورزقك الصَّبر عليها، ووفقك للاسترجاع، وأنّك معزَّى لا معزّى بك.

ويذهب حرّها: أن تعلم أنَّ الله تعالى سيخلف لك خيرًا منها، قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦)} [البقرة]، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا" (١). وقد وعد الله تعالى بجميل العوض وحسن الخلف عمَّا فات، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢)} [النّحل].

ويذهب حرّها: العلم بتكفير المصيبة لِلسَّيِّئَاتِ، قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ، وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ الله بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ" (٢)، فالهمّ الَّذِي يعتري الإنسان، والحزن الَّذِي يصيبه بسبب فقد أصفيائه يترتَّب عليه تكفير الخطايا.


(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٢/ص ٦٣١) كِتَابُ الْجَنَائِزِ.
(٢) البخاريّ "صحيح البخاريّ" (ج ٧/ص ١١٤/رقم ٥٦٤١) كِتَابُ المَرْضَى.

<<  <   >  >>