للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إيذانًا بانتهاء الحداد، فعَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَتْ: لمَّا جَاءَ نَعْيُ أَبِي سُفْيَانَ مِنَ الشَّأْمِ، دَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ - رضي الله عنها - بِصُفْرَةٍ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ، فَمَسَحَتْ عَارِضَيْهَا، وَذِرَاعَيْهَا، وَقَالَتْ: إِنِّي كُنْتُ عَنْ هَذَا لَغَنِيَّةً، لَوْلا أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، يَقُولُ: "لا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا" (١).

فالمرأةُ لا تُحِدُّ على هالك أكثر من ثلاث إلّا على زوجها، تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ... (٢٣٤)} [البقرة].

وهذا في حقِّ المرأة غير الحامل، أما الحامل فإنها تعتدّ وتحدّ على زوجها إلى وضع الحمل، فإذا وضعت حملها خرجت من العدّة والإحداد ولو بعد موت زوجها بمدة يسيرة، لقوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (٤)} [الطّلاق]، والآية مخصّصة لعموم الآية السّابقة.

وَفِي الْبُخَارِيِّ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أفتى سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ إِذَا وَضَعَتْ حملها بعد وفاة زوجها أَنْ تَتَزَوَّجَ، لخروجها من العدّة، قَالَتْ سُبَيْعَةُ: "أَفْتَانِي إِذَا وَضَعْتُ أَنْ أَنْكِحَ" (٢).

وقَالَتْ أمّ سلمة - رضي الله عنها -: "قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ وَهِيَ حُبْلَى، فَوَضَعَتْ


(١) البخاري "صحيح البخاريّ" (ج ٢/ص ٧٨/رقم ١٢٨٠) كِتَابُ الجَنَائِزِ.
(٢) البخاري "صحيح البخاريّ" (ج ٧/ص ٥٧/رقم ٥٣١٩) كِتَابُ الطَّلاقِ.

<<  <   >  >>