للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويفقد الأجر بفقد صحبتهما والإحسان إليهما، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو - رضي الله عنهما -، قَالَ: "أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، أَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ الله، قَالَ: فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قَالَ: فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ الله؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا" (١).

ويفقد رِضى والديه الَّذي فيه رضى الله تعالى، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ" (٢).

ويفقد عملًا من أحبِّ الأعمال إلى الله تعالى: عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: "سَأَلْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا، قَالَ: قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ ... " (٣).

واعلم أنَّ رتبة عقوق الوالدين من الكبائر في الدَّرجة الثَّانية، أي بعد الإشراك بالله، فاحذر، عَنْ أَبِي بَكْرَة - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ: الإِشْرَاكُ بالله، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ ... " (٤).

هذا ومِنَ النَّاس مَنْ إذا مات والداه بكى بحُرْقَةٍ لا تبرد وَعَبْرَة تتجدَّد، لا لموتهما، ولكن لأنَّه كان جَبَّارًا شَقِيًّا، كان عَاقًّا لهما، ومقصّرًا في حقِّهما.


(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٤/ص ١٩٧٥) كتاب الْبِرِّ.
(٢) الحاكم "المستدرك" (ج ٤/ص ١٦٨/رقم ٧٢٤٩) وقال حَدِيثُ صَحِيحُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
(٣) مسلم "صحيح مسلم" (ج ١/ص ٨٩).
(٤) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٨/ص ٤/رقم ٥٩٧٦) كِتَابُ الأَدَبِ.

<<  <   >  >>