للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ، فَقَامَ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ" (١).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوِ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ (يكنس) المَسْجِدَ فَمَاتَ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالُوا: مَاتَ، قَالَ: أَفَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ ... ـ أَوْ قَالَ قَبْرِهَا ـ فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا" (٢).

والأحاديث فيها دليل على جواز الصَّلاة على الميت وهو في قبره، وأن ذلك لا يشمله نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الصَّلاة إلى القبور، والجواز لا يقيَّد بيوم وليلة.

ومن أهل العلم من يرى أنَّ الصَّلاة على القبر من وقائع العَيْنٍ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ من خصائص النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَاسْتَدَلُّوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَإِنَّ اللهَ - عز وجل - يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ" (٣). وفيه نظر، فلو كان من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - ما أَمَّ النَّاس وصلّوا خلفه، ولزجرهم عن ذلك، والله أعلم. وفي الأحاديث ندْب إلى الإِعْلَام بِالْجِنَازَةِ لِيُصَلَّى عَلَيْهَا، لقوله: "أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي" أيْ أَخْبَرْتُمُونِي. واخْتُلِفَ فِي أَمَدِ ذَلِكَ، وأَشْهَر ما سُمِع عنه - صلى الله عليه وسلم - في المدَّة الّتي يُصَلَّى عليه فيها أنَّها شهر، أخرج البيهقي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: "أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَ شَهْرٍ" (٤).

أمَّا كيفيَّة الصَّلاة على الميِّت، وهو في قبره، فكما هو الحال فيما إذا صلَّيت


(١) البخاريّ "صحيح البخاريّ" (ج ٢/ص ٨٧/رقم ١٣٢١) كِتَابُ الجَنَائِزِ.
(٢) البخاريّ "صحيح البخاريّ" (ج ١/ص ٩٩/رقم ٤٥٨) كِتَابُ الصَّلاةِ.
(٣) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٢/ص ٦٥٩) كِتَابُ الْجَنَائِزِ.
(٤) البيهقي "السُّنن الكبرى" (ج ٤/ص ٧٥/رقم ٧٠٠٤)، وإِسْنَادُهُ مُرْسَلٌ صَحِيحٌ، كذا قال الحافظ في "التّلخيص الحبير" (ج ٢/ص ٢٥٣).

<<  <   >  >>