للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَا رَسُولَ الله، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أُمَّهُ؟ قَالَ: فَيَنْسُبُهُ إِلَى حَوَّاءَ، يَا فُلَانَ بْنَ حَوَّاءَ" (١).

ويدلّك على ضعفه مخالفة متنه لما ثبت في الصَّحيح، من أنَّ الميِّت لا يسمع إلّا بعد أن يتولَّى عنه أصحابه يسمع قَرْعَ نِعَالِهِمْ، وما ثبت من أنَّ النَّاس يدعون بآبائهم لا بأمَّهاتهم، قال تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ... (٥)} [الأحزاب]، وهذا عام في الحياة وبعد الممات، وفي الصَّحيح عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "إِنَّ الغَادِرَ يُرْفَعُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلانِ بْنِ فُلانٍ" (٢). وبوّب عليه البخاريّ: (بَاب مَا يُدْعَى النَّاسُ بِآبَائِهِمْ).

ومن النّاس من يعمل بهذا الحديث مع علمه بضعفه وعدم ثبوته. واستمرار الْعَمَل بِهِ فِي الْأَمْصَار والأعصار لا يجيز العمل به؛ فالحديث لم يثبت، فَلَا تَغْتَرَّ بما جرى عليه عمل كثير من النَّاس، والثّابت بعد الفراغ من الدّفن سؤال الله تعالى له بالمغفرة والتّثبيت، فقد كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ المَيِّتِ وَقَفَ


(١) الطّبراني "المعجم الكبير" (ج ٨/ص ٢٤٩/رقم ٧٩٧٩) وَفِي إِسْنَادِهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ، كذا قال الهيثمي في "مجمع الزّوائد" (ج ٣/ص ٤٥/رقم ٤٢٤٨)، وقال العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" (ص ١٨٧٥)، والنّووي في "المجموع" (ج ٥/ص ٣٠٤): إِسْنَاده ضَعِيف. وضعّفه ابن القيّم في "الرّوح" (ص ١٣)، وقال في "زاد المعاد" (ج ١/ص ٥٠٣): حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ ... رَفْعُهُ. وضعّفه الألباني في "الإرواء" (ج ٣/ص ٢٠٣/ص ٧٥٣)، وقال في "الضّعيفة" (ج ٢/ص ٦٤/رقم ٥٩٩): منكر. وقال السّيوطي في "الحاوي" (ج ٢/ص ٢٣١): التَّلْقِينَ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَا حَسَنٌ، بَلْ حَدِيثُهُ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ.
(٢) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٨/ص ٤١/رقم ٦١٧٧) كِتَابُ الأَدَبِ.

<<  <   >  >>