للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والظَّاهر أنَّ هذا ليس لكلِّ الشُّهداء، عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ جَاهَدْتُ فِي سَبِيلِ الله بِنَفْسِي وَمَالِي حَتَّى أُقْتَلَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْكَ دَيْنٌ، لَيْسَ لَهُ عِنْدَكَ وَفَاءٌ " (١).

ومن الشُّهداء من يبلغ الفردوس الأعلى، عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه -: "أَنَّ أُمَّ حَارِثَةَ - رضي الله عنها - أَتَتْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَقَدْ هَلَكَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، أَصَابَهُ غَرْبُ سَهْمٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، قَدْ عَلِمْتَ مَوْقِعَ حَارِثَةَ مِنْ قَلْبِي، فَإِنْ كَانَ فِي الجَنَّةِ لَمْ أَبْكِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا سَوْفَ تَرَى مَا أَصْنَعُ؟ فَقَالَ لَهَا: هَبِلْتِ، أَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ؟ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِي الفِرْدَوْسِ الأَعْلَى" (٢).

أمَّا أرواح المسلمين فتكون طيورًا تعلق في شجر الجنَّة، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا

نَسَمَةُ المُسْلِمِ طَيْرٌ يَعْلُقُ بِشَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ " (٣).

وهذا ليس لكلِّ المسلمين، فهناك من هو مُحْتَبَسٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ لدين عليه، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الصُّبْحَ، فَقَالَ: "هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: إِنَّ صَاحِبَكُمْ مُحْتَبَسٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ" (٤).


(١) أحمد "المسند" (ج ٢٣/ص ١٠٧/رقم ١٤٧٩٦) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن.
(٢) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٨/ص ١١٦/رقم ٦٥٦٧) كِتَابُ الرِّقَاقِ.
(٣) أحمد "المسند" (ج ٢٥/ص ٥٨/رقم ١٥٧٨٠) إسناده صحيح على شرط الشّيخين.
(٤) أحمد "المسند" (ج ٣٣/ص ٣١٠/رقم ٢٠١٢٤) إسناده صحيح.

<<  <   >  >>