للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحيّ للميّت بعد الدّفن، أخرج أبو داود من حديث عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رضي الله عنه -، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ المَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ" (١)، وَكَذَا الدّعاء للميِّت عند زيارة القبور، أخرج مسلم من حديث عائشة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ، اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ" (٢). ولذلك فإنّ مَشْرُوعِيَّة دُعَاءِ الْأَحْيَاءِ لِلْأَمْوَاتِ دليل على أنَّ الميِّت ينتفع بدعاء الحيّ.

والدُّعاء للمؤمنين والاستغفار لهم من مقتضيات الأخوَّة الإيمانيّة الصَّادقة، قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ... (١٩)} [محمّد]، ولذلك تجد من دعاء إبراهيم - عليه السلام -: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (٤١)} [إبراهيم]، ومن دعاء نوح - عليه السلام -: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ... (٢٨)} [نوح].

وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه -، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَنِ اسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ كَتَبَ الله لَهُ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ حَسَنَةً" (٣).

ومن الأمور الّتي ينتفع بها الميِّت من عمل غيره قضاء الدَّين، فقضاء الدَّين


(١) أبو داود "سنن أبي داود" (م ٥/ص ١٢٧/رقم ٣٢٢١) إسناده حسن.
(٢) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٢/ص ٦٦٩) كِتَابُ الْجَنَائِزِ.
(٣) الطّبراني "مسند الشّاميين" (ج ٣/ص ٢٣٤/رقم ٢١٥٥)، قال الهيثمي في "مجمع الزّوائد" (ج ١٠/ص ٢١٠/رقم ١٧٥٩٨) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وحسَّنه الألباني في "صحيح الجامع الصّغير" (ج ٢/ص ١٠٤٢ /رقم ٦٠٢٦).

<<  <   >  >>