للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ وَلَدِي، وَإِنَّهُ نَاءَ بِيَ الشَّجَرُ، فَمَا أَتَيْتُ حَتَّى أَمْسَيْتُ فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَجِئْتُ بِالحِلابِ فَقُمْتُ عِنْدَ رُؤوسِهِمَا، أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمْ حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ. فَفَرَجَ الله لَهُمْ فُرْجَةً حَتَّى يَرَوْنَ مِنْهَا السَّمَاءَ ... " (١).

ويصرف عنك السُّوء أن تكون عبدًا مُخْلَصًا، قال تعالى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (٢٤)} [يوسف]، فَعِلَّة صرف السُّوء والفحشاء عن يوسف - عليه السلام - أنّه من عباد الله المخلصين.

ويدفع ميتة السّوء وينجي من سوء الخاتمة التّقوى والصِّلة، روى أحمد بإسناد قويّ عن عليّ - رضي الله عنه -، قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ، وَيُوَسَّعَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُدْفَعَ عَنْهُ مِيتَةُ السُّوءِ، فَلْيَتَّقِ اللهَ وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" (٢).

واصطناع المعروف يقي من مصارع السّوء، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "صَنَائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوء" (٣).

فاصنع المعروف مع أهله ومع غير أهله؛ فالمعروف حتّى لو ضاع عند


(١) البخاريّ "صحيح البخاريّ" (ج ٨/ص ٣/رقم ٥٩٧٤) كتاب الأدب.
(٢) أحمد "المسند" (ج ٢/ص ١٠٤/رقم ١٢١٢) وإسناده صحيح.
(٣) الطَّبَرَانِيُّ "المعجم الكبير" (ج ٨/ص ٢٦١/رقم ٨٠١٤). وقال الهيثمي في "مجمع الزّوائد" (ج ٣/ص ١١٥/رقم ٤٦٣٧): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

<<  <   >  >>