تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (٨٢)} [طه]. وعلى العبد أن يحمد الله تعالى أن أمدَّ في عمره أمدًا يتوب فيه وينيب إليه، قال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ... (١٧)} [النّساء]، وكُلُّ تَوْبَةٍ قَبْلَ معاينة المَوْتِ فَهُوَ مِنْ قَرِيبٍ.
أمَّا التَّوْبَة عِنْدَ المعَايَنَةِ والغرغرة فلَا تَنْفَعُ، قال تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٨)} [النّساء]، وقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقْبَلُ تَوْبَةَ عَبْدِهِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ" (١).
فإيّاك والأمانيّ فقد غرَّت أقوامًا وأَرْدَت آخرين، فكم من النَّاس ابتلوا بتسويف أنفسهم، وفارقوا الدُّنيا ولم يحدثوا توبة: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (٥٤)} [سبأ].
وكم من رَجُل افْتُلِتَتْ نَفْسُه، وقد قَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الذُّنُوبِ والآثام، وحيل بينه وبين التّوبة، قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤)} [الأنفال]. ...
فَخَلِّ سَبِيلَ الْعَيْنِ بعدك للبكا ... فليس لأيَّام الصَّفاء رجوعُ
وقد رأينا كيف يختطف الموتُ مِنْ بين أيدينا مَنْ في القلوب مقامهم،
(١) أحمد "المسند" (ج ٥/ص ٥٥٨/رقم ٦٤٠٨) وإسناده حسن.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute