للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون بين الخوف والرّجاء، وألّا يتمنَّى الموت، وأن يؤدِّي ما عليه، وأن يكثر من الذِّكر والاستغفار والدُّعاء، وأن يسأل الله - جل جلاله - أن يقبضه على لا إله إلّا الله، وأن يوفّقه لعمل صالح بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ، وأن يتعوّذ بالله من أن يتخبَّطه الشَّيطان عند موته، وأن يكتب وصيَّته، وَإِلَيْك بَيَان ذَلِك.

أوّلاً: أن يرضى بالقضاء ويحْمَد اللهَ حَتّى عَلَى قَبْضِ رُوحِه

على المحتضر أن يصبر ويرضى بقضاء الله تعالى، فالمُؤْمِنُ أَمْرُهُ كُلُّهُ خَيْرٌ، قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "عَجَبًا لِأَمْرِ المُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" (١).

وعليه أن يحْمَدَ اللهَ تعالى حَتىَّ عَلَى قَبْضِ رُوحِه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، يَقُولُ: "إِنَّ اللهَ - عز وجل - يَقُولُ: إِنَّ عَبْدِي المُؤْمِنَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ كُلِّ خَيْرٍ، يَحْمَدُنِي وَأَنَا أَنْزِعُ نَفْسَهُ مِنْ بَيْنِ جَنْبَيْهِ" (٢)، وقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ المُؤْمِنَ تَخْرُجُ نَفْسُهُ مِنْ بَيْنِ جَنْبَيْهِ وَهُوَ يَحْمَدُ اللهَ - عز وجل - " (٣).

فقابل قضاء الله تعالى بعين الرِّضا ولا تجزع ما دام الجزع لا يَدْفَع حتفًا قاضيًا، {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧)} [لقمان].

أَتَجْزَعُ إنْ نَفْسٌ أَتَاهَا حِمَامُها ... فهلَّا الَّتِي عَن بَين جنبَيْك تَدْفعُ


(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٤/ص ٢٢٩٥) كِتَابُ الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ.
(٢) أحمد "المسند" (ج ١٤/ص ١٩١/رقم ٨٤٩٢) إسناده جيّد.
(٣) أحمد "المسند" (ج ٤/ص ٤٣٦/رقم ٢٤١٢) حديث حسن.

<<  <   >  >>