للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقّ لله تعالى أو للعباد. وحقّ الله تعالى كأن يكون عليه فدية، أو كفَّارة، أو زكاة، أو صيام واجب من قضاء أو نَذْر، أو نحو ذلك.

فَمَنْ مات مثلًا وعليه صيام مبيّن في وصيّته لزم وليَّه الصِّيام عنه، عَنِ ... ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -، قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ، أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ الله أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى" (١)، وقَالَ الحَسَنُ: "إِنْ صَامَ عَنْهُ ثَلاثُونَ رَجُلًا يَوْمًا وَاحِدًا جَازَ" (٢).

وحقّ العباد كالدّيون والأمانات والأجور والودائع والقروض ونحوها، فيلزمه أن يخبر بما له لاقتضائه، وما عليه لقضائه، لتردّ الحقوق إلى أهلها، فإن كان عليه دين لازم، أو حقّ واجب، وجب عليه أن يوصي بقضائه بعد موته.

وهي ليست واجبة على كلّ أحد، فمن لم يكن عليه حقّ لله أو لعباده، فهي مستحبَّة لمن ترك خيرًا، لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ ... (١٨٠)} [البقرة]، على أن تكون بثلث المال أو دونه لقول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ" (٣) وذلك بأن يوصي به لقريب غير وارث، أو لعمل من أعمال البرّ، أو وجه من وجوه الخير، أو معونة أهل الحاجة ... وقد جعلها


(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٢/ص ٨٠٤) كِتَابُ الصِّيَامِ.
(٢) البخاري "صحيح البخاريّ" (ج ٣/ص ٣٥) كِتَابُ الصَّوْمِ، وهذا الأثر ذكره البخاريّ تعليقًا، وقال الحافظ في "الفتح" (ج ٤/ص ١٩٣): وَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الذَّبْحِ.
(٣) البخاري "صحيح البخاريّ" (ج ٤/ص ٣/رقم ٢٧٤٣) كِتَابُ الوَصَايَا.

<<  <   >  >>