للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأبي مالك (١)؛ وبهذا فسَّره ابنُ أبي زَمَنِينَ الأندلسيُّ في "أصول السُّنَّة" (٢).

ولا يجوزُ تكييفُ فِعْلِ اللهِ فيه، ولا تشبيهُهُ؛ فاللهُ ليس كمثلِهِ شيءٌ، وقد ورَدَ في بيانِ حجمِ الكرسيِّ في الحديثِ: (مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ مَعَ الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلاةٍ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلاةِ عَلَى الْحَلْقَةِ) (٣).

ورُوِيَ: أنَّ الكُرْسِيِّ: هو عِلْمُ اللهِ (٤)، وقيل: قُدْرَتُهُ (٥)، وقيل: هو العَرْشُ (٦).

والأصحُّ: أنه مَوضِعُ القَدَمَيْنِ على ما يليقُ بالله، لا على ما يليقُ بالمخلوق.

وأمَّا القولُ بأنَّ الكرسيَّ: عِلْمُ اللهِ؛ فقد رُوِيَ هذا عن ابن عبَّاس، وفيه عن ابن عبَّاس لِينٌ، واستدَلَّ بعضُهم عليه بقولِ الشاعِر:

مَا لِي بِأَمْرِكَ كُرْسِيٌّ أُكَاتِمُهُ ... وَلَا يُكَرْسِئُ عِلْمَ اللهِ مَخْلُوقُ (٧)

وهذا مخالِفٌ لوضعِ العرَبِ عند إطلاقِ الكُرْسِيِّ، والكُرْسِيُّ لا يُهمَز (٨).


(١) "السُّنَّة" لعبد الله (٥٨٩ و ١٠٢٣).
(٢) "أصول السُّنَّة" (ص ٩٦).
(٣) "العرش وما روي فيه" (٥٨)، و "صحيح ابن حبان" (٣٦١).
(٤) رُوِي ذلك عن ابن عباس. انظر: "السُّنَّة" لعبد الله (١١٥٦ و ١١٨٤)، و "تفسير الطبري" (٤/ ٥٣٧).
(٥) "معاني القرآن" للنحاس (١/ ٢٦٤)، و "تفسير القرطبي" (٤/ ٢٧٦).
(٦) رُوِي ذلك عن الحسن. انظر: "تفسير الطبري" (٤/ ٥٣٩).
(٧) لا يُعرَفُ قائلُ هذا البيت. انظر: "تأويل مختلف الحديث" (ص ١١٩)، و "معاني القرآن" للنحاس (١/ ٢٦٣)، و "البحر المحيط" (٢/ ٢٩٠)، و "اللباب في علوم الكتاب" (٤/ ٣٢٢).
(٨) انظر: "تأويل مختلِف الحديث" لابن قُتَيْبة (ص ١١٩ ط. المكتب الإسلامي).

<<  <   >  >>